الأربعاء، 8 أكتوبر 2008


فلنبدأ معا
حافظ الجندوبي


حتى لا نبدأ من فوق تعالوا نبدأ من تحت ،عوض أن نبدأ بالكتب و النظريات تعالوا نبدأ بواقعنا، عوض أن نبدأ بالأجوبة تعالوا نبدأ بالأسئلة،عوض أن نبدأمما ليس في متناولنا تعالوا نبدأ بما في أيدينا.

هل تستطيع الوصول لأي معلومة تستحقها لأخذ قرارك في أي مجال؟
هل تنتخب مسؤوليك،هل تشعر أن بامكانك مسائلتهم و محاسبتهم؟
هل تشعر أن القانون يحميك؟ وهل تشعر بالأمان في ظله؟
هل تشارك في قبول و رفض القوانين؟
هل تشعر أن هناك من يمثلك و يمثل مصالحك و تطلعاتك؟
هل تعتبر دفع الضرائب مصلحة أو غرامة ؟
هل تعتبر المناسبات الانتخابية فرصة لانتخاب من تعتقد أنه أجدر؟
أين تكون يوم الانتخابات؟
هل تصلك بطاقة ناخب؟
هل تحرص على الحصول عليها؟
هل تعتقد أنك تستطيع أن تعبر عن آرائك و مواقفك بكل حرية؟
هل تعتبر الحاكم تولية من الله أو اختيار من البشر؟
هي أسئلة قد تكون اجابتها جاهزة؟ فمن يا ترى المسؤول عن هذا الواقع؟
أنت و أنا ،ثم أناو أنت ثم نحن جميعا.........
إن اتهمت القضاء و القدر فالله يقول" لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
و الرسول يقول" كيفما كنتم ولي عليكم".
و النظرية الماركسية ترجع البنية الفوقية الى البنية التحتية.
والتاريخ الرأسمالي الديمقراطي شهد ثورات في فرنسا و انكلترا لتغيير الواقع.
هل رأيتم كلنا متفقون.
فما أنت فاعل؟
هل التغيير لا يكون الا جذري و بصفة راديكالية لكن في أي ظروف و بأي قوى؟
هل التغيير يكون سلمي و بصفة تدريجية؟
الأسئلة كثير و الأجوبة شحيحة متى تبدأ التفكير، لكن لماذ تفكر؟
الانسان الحيوان
يأكل يأكل
يشرب يشرب
يتناسل يتناسل
؟ لا يفكر

ألا ترى أنه يجب أن نفكر؟
لكن أين؟ مع من؟ كيف؟
لا تيأس........
لا تيأس........
لا تيأس.......

هل احترت، بداية جيدة، بداية المعرفة حيرة و لكن أي حيرة؟
هل ضجرت؟ هل انزعجت؟
عوامل نفسية لا تظهر أمام الانسان الا اذا كانت لديه رغبة في التغيير،
هل تريد أن تغير؟ أنا معك أريد أن أغير؟
من أين نبدأ ؟ من أنفسنا ومن ما حولنا؟
الغاية لا تبرر الوسيلة؟
الحكم قائم على العنف، هل نغيره بالعنف؟ سنصل الى نفس النتيجة و لن نغير شيء.
الدستور و القانون على هناتهم يضمنان الكثير من الحقوق، لماذا لا نبدأ مما لدينا و في متناولنا و بين أيدينا أولا؟
هذا كله من أجلك ، من أجل أبنائك،من أجل وطنك، من أجل أمتك، من أجل دينك، من أجل انسانيتك،
فلنختلف في المرجعية، فلنختلف في الدين،فلنختلف في ما يحفزنا........
لكن فلنجعل الهدف واحد.......
الوطن....
الوطنية.....
المواطنة...

الاثنين، 6 أكتوبر 2008

هل من ثقافة سياسية جديدة؟
حافظ الجندوبي



المنظومة السياسية العربية التي ستكون موضوع هذا المقال لا أقصد بها النظم السياسية أو السلط السياسية الحاكمة تحديدا وان كانت تمثل جزءا منها ،بل المنظومة تظم كل الأطراف سواء منها الحاكمة أو التي في المعارضة و يمكن أن نضيف إليها أيضا المجتمع المدني الذي صار بنفسه غارقا في هذه الثقافة التي كان بالأحرى له أن يتجاوزها ،ولست هنا بسبب الحديث عن شرعية الأنظمة الحاكمة من عدمها والتي صارت الشرعية في حكم الثقافة السياسية المعاصرة تستمد من الشعب عن طريق الديمقراطية، ولست هنا في الحكم على أداء المعارضة أو حتى في مدى شرعيتها كذلك أو مدى تمثيليتها الواقعية لا الخيالية والنظرية كما تتصورها الأحزاب المعارضة ،بل سأحاول في هذا الصدد الحديث عن الخلفية والمرجعيات الإيديولوجية التي يعتمدها كل طرف عند التعريف بنفسه ،وهنا أنطلق من استنتاج يلاحظ عند جميع الأطراف السياسية و خاصة التي تكون في طرف المعارضة ،وهي في تقديري أحد أسباب فشل هذه الأحزاب في الحصول على تمثيلية داخل مجتمعاتها ،وهي أن الأحزاب تشترك في كونها لا تبحث عن شرعية في الواقع الذي نشأت فيه بل انها تنطلق من تصورات ايديولوجية اما محمولة من خارج الحدود الوطنية أو من أفهام من خارج الزمن الحاضر لتغوص في سلفية طوباوية لا علاقة لها بواقع الحال ،وهذا لا يعني أنه لا توجد أسباب مشروعة على الأقل أدت لاختيار معطى ايديولوجي معين ولكن في المعقولية و الواقعية السياسية لا تبرر الأسباب ما صارت تتسم به أحزابنا من أدلجة مفرطة ومن اقصائية لا تخطئها العين، ولعل التفكير في نقلة سياسية تجعل أحزابنا أحزاب برامج واضحة تتعاطى مع واقع الناس وحالهم بدل أن تقتصر على أحزاب ايديولوجيات نظرية لا يفهمها المواطن و ليست من شأن واقعه، الحقيقة أن هذه الملاحظة التي كنت أسوقها أعبر بها عن كيفية تسويق هذه الأحزاب لعدم شعبيتها والأسباب التي تحول دون انخراط المواطن فيها و بالتالي تحكم عليه بالعزوف عن الشأن العام،هذه الأحزاب التي تدعي دائما أن مشكلتها الأساسية في عدم شعبيتها و امتدادها داخل المجتمع هو حالة انعدام الحريات و الاستبداد السياسي الذي تعاني منه أنظمتنا العربية دون أن تنظر في حالها و تقيم تجربتها و التجارب السياسية التي خاضها غيرهم منذ عقود خلت، هذا يؤكد أن الخلل القائم في نظمنا السياسية يعود بدرجات متساوية بين جميع الأطراف السياسية ،فالجميع مشترك في ما آلت اليه حالنا السياسي من فشل في احداث نقلة ديمقراطية تطور ثقافتنا السياسية، وتقطع مع الموروث السياسي بالحفظ و التجاوز حفظ أحسن ما فيه وتجاوز أسوء ما فيه ، ان ثقافتنا السياسية تقليدية اذ أنها لا تستهدف واقع الناس و مشاكلهم بل تستهدف اثبات نظريات وايديولوجيات في معالجة الواقع الذي نترد فيه، عند ذلك لن يختلف الليبرالي عن اليساري عن القومي عن الاسلامي في أنهم جميعا ينطلقون من الأعلى و لا يبتدأون من الأسفل، إذ هم دعاة ومنظرين يتشبهون بأنبياء الأمس فهم حاملي رسالات و على الناس حفظ نصوصهم المقدسة و التطبيق و التزكية ،إذا فالثقافة الحاكمة واحدة لم تتطور في أدائها حتى و ان تلبست بمضامين تدعي التقدمية و تدعي التحرر من مواريث الكبت و التخلف السياسي ،وهكذا ترى أن فرقائننا السياسيين و كأنهم طوائف عقائدية لا يمكن أن يجمع بينها جامع ولو كانت مصلحة الوطن و مصالح اامواطنين ،ان غياب البرامج الحزبية الواقعية و التي تنطلق من معاينة واقع الناس وخصوصياتهم تجعل طغيان الايديولوجيا على العمل السياسي وتحيل السجال السياسي الى مناكفات وخصومات ايديولوجية تذكرنا بخصومات الفرق في الاسلام الأول، نفس المشهد يصعد الى الذهن معلنا أننا لم نخرج بعد من بعبع الموروث و التراث السياسي القديم، ثم سرعان ما تتطابق المشاهد و الصور وتصبح الأحزاب السياسية عبارة عن بيوتات تخضع لمفهوم أبوي سلطوي ،إذ أن الاستبداد في بيئتنا العربية المعاصرة لم يتمثل في وعي الناس أنه أساس خراب العمران وسبب تفتت عرى الأوطان، ولكنه مع ذلك مازال يعلن عن وجوده داخل جميع الأطياف و الأحزاب السياسية و بدون استثناء لأن الاستبداد ليس مرجعه سياسيا فقط بل له جذوره الثقافية والاجتماعية وسيبقى قائما في منظومتنا السياسية مادامت الأحزاب غارقة في ثقافة سياسية تقليدية ، وهذا ما يدفعنا الى اعادة بناء تصوراتنا و الى معنى الثقافة السياسية و مراجعة السائد فيها مراجعة نقدية تنطلق مما هو موجود في واقع لحظتنا التاريخية و ليس مما يفترض أن يكون حتى لا نسقط في التغرب سواء عبر نماذج غربية جاهزة لها مسارها التاريخي وواقعها الذي يميزها بحكم بيئتها و ثقافتها أو عبر احياء نماذج تاريخية ميتة لهاسياقها الذي انبعثت فيه وما صلحت لقرون بعدها ،فما بالك ونحن في هذا القرن الانساني الجديد بأفكاره و قضاياه وثوراته العلمية التي لا تنتهي، ان منظومتنا السياسية تعلن و تثبت يوما بعد يوم افلاسها التاريخي مثل ماهي مفلسة من تمثيلية حقيقية في مجتمعاتها ،وفي هذا السياق أستحظر صورة آية قرآنية صرنا مدعوينا اليها وهي تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم أن نجعل الوطن القيمة العليا و الانسان مرتكز النهضة وواقع الناس وموقعنا اليوم في هذه الحضارة ملهما لنا، اذ أن صراعاتنا السياسية مازالت في السماء بينما الحال أن تكون مصلحة الناس و قضايا دولنا و مجتمعاتنا هي مجال التنافس السياسي ،مازلنا نتصارع حول المفاهيم بينما الأجدر لنا اليوم أن نكون عملييين متوجهين الى مناطق الخلل في حياتنا وواقعنا حينها ستنكسر الطوباويات و يصبح السياسي همه التعامل مع اشكاليات الواقع و ليس اشكاليات الكتب وحينها سنقترب من الناس و يقترب الناس منا و حينها بالامكان التساؤل عن الشرعية و التمثيلية وعن أسباب عزوف الناس عن الشأن العام والى حين الاقرار بهذه الحقائق يبقى الحال على ما هوعليه في دائرة مغلقة لا انفصام عنها.