الجمعة، 19 نوفمبر 2010

"الناتو": قمة تاريخية ببرشلونة.....؟


"الناتو": قمة تاريخية ببرشلونة.....؟

حافظ الجندوبي


منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" قمّة تاريخية في برشلونة تصوغ و ترسم الذراع العسكري لعالم جديد متعدد الأقطاب، فهل تنجح في ذلك؟

كان لسقوط نظام العالم الثنائي القطبية تداعيات أيضا على مرتكزاته و أسسه، حلف الناتو اعتبر طوال الحرب الباردة الذراع العسكري للولا يات المتحدة الأمريكية و الغرب الأوروبي في مواجهة حلف وارسو التابع للمعسكر الشيوعي، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي و تفكك حلف وارسو و تغيرت الخريطة الجيوسياسية و الجيواستراتيجية للعالم مما حتم ايضا مراجعة لمهام و أهداف و استراتيجيات و آليات المواجهة عند المعسكر المقابل أي الرأسمالي.

مراجعة الفلسفة و العقيدة العسكرية و الايديولوجية التي قام عليها حلف الناتو ظهر كمعطى أساسي في العلاقات الأمريكية و شركائها من الأوروبيين اللذين سعو الى استراتيجية دفاعية و عسكرية خاصة بهم لكن سخر منهم الأمريكان و وصفوا أوروبا "بالقارة العجوز" و التي تحتاج الى العكاز الأمريكي، و قد عملت الادارات الأمريكية ما بعد الحرب الباردة على تسخير الناتو ليكون ذراع يضمن التفوق و الهيمنة الأمريكية في عالم أحادي القطبية

الأوروبيون ابتلعوا الاهانة الأمريكية و تبين لهم أنهم محتاجون أكثر لانقاذ مصالحهم في العالم فالأمريكان بدأوا بطرد المصالح الفرنسية في افريقيا و و أسواقها الاقتصادية لكسر الكبرياء و الاستثناء الفرنسي خاصة.

لكن في نفس الوقت بدأت الولايات المتحدة... الأمريكية تصلها اشارات سلبية بخصوص رغبة الهيمنة و الحلم الامبراطوري الأمريكي من قبل حلفائها بالأمس، الأوروبيون شعروا بانتفاء الحاجة الى مواصلة التضحيات السابقة بسسب الصراع الايديولوجي لكن بسقوط العدو الشيوعي، اصبح كل طرف يبحث عن مصالحه و تحالفاته الاقتصادية و السياسية.

بالنسبة للأمريكان كان حدث 11 سبتمبر فرصة او حدث صنع لتبرير الوصاية الأمريكية و هيمنتها على العالم،و أصبح "الارهاب الاسلامي" العدو الأخضر الجديد اللذي لا يهدد فقط الولايات المتحدة الأمريكية بل يهدد العالم الحر عالم الخير و الجمال الغربي.

في اطار من التعاطف الحضاري و السياسي، و الالتباس و الشعور بجنون العقل الأمريكي انخرطت اوروبا في حرب أمريكية على عدوهم الجديد، لكن في نفس الوقت شعرت اوروبا انها لا يجب ان تتورط كثيرا في الاستراتيجيات المريكية الجديدة، و سرعان ما تصاعدت الخلا...فات من جديد كان من ابرزها الخلاف المريكي - الفرنسي- الألماني من الحرب على العراق ثم الخلاف الأمريكي - الفرنسي حول افغانستان.

لقد فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في صياغة خريطة العالم كما يحلو لها و فشلت أو ساهمت اطراف كثيرة في افشال تحقيق أهدافها العسكرية و السياسية كما رسمتها، فعدلت استراتيجياتها العديد من المرات و انتهى باعتراف" اوباما" في خطاب تنصيبه أنه يجب الاقرار بتراجع القوة الأمريكية و دورها في العالم.

بعد نهاية الحرب الباردة توجهت القوى و الأطراف الدولية لتغيير و اصلاح منظمة الأمم المتحدة بما يتماشى مع معطيات و تحولات الواقع السياسي للعالم، لكن المهمة كانت صعبة و بقيت الأمور مجمدة وهي بالأحرى اجلت و سيعاد فتح الموضوع قريبا.

فمنظمة الامم ال...متحدة هي المنظمة السياسية التي تعطي الشرعية لخلاصة ما اتفق عليه في الأرض لذلك كان بديهي أن تتعطل منذ البداية

فالسياسي بات يأتي ديائما متاخرا لاضفاء الشرعية و تحديد طبيعة العلاقات الدولية على ضوء التوازنات و القوى الحقيقية على الأرض، هكذا بنيت عصبة الأمم و هكذا سخرت منذ بدايتها.

المؤسسات الاقتصادية العالمية(البنك الدولي، صندوق النقد الدولي و قمة الدول العشرون الأولى) سبقت السياسي و العسكري، كان اسهل للاعتراف بقوى اقتصادية كبرى جديدة بل كانت هذه السنة اي 2010 سنة تغير استراتيجيات و مفاهيم هذه المنظمات الاقتصادية للتنمية
و لمعادلة الدولة و السوق، مفاهيم جديدة بشرت بعالم اقتصادي جديد زادت الأزمة الاقتصادية في اعطائه مبرراته .

قمة برشلونة ستكون تاريخية من حيث أهمية الاتفاق على مفهوم استراتيجي جديد ياخذ بعين الاعتبار التعدد على مستوى اقتصادي سياسي، و اذا تفقوا اليوم فهذا سيفتح المجال من جديد للعودة لتحيين منظمة الأمم المتحدة بما ينسجم مع عالم متعدد الأقطاب.


حافظ الجندوبي