الجمعة، 25 ديسمبر 2015

الاستشراف الاستراتيجـــي في خدمــة التنميـــــة (1)

يعدّ الاستشراف الاستراتيجي و طرقه المبتكرة أداة من أدوات وضع خريطة مستقبلية للتنمية تتضح فيها تطوّرات واتجاهات الاحتياجات والبرامج المعدّة سلفا للاستجابة لها دون الوصول إلى تلك الفجوة بين الاحتياجات من ناحية وبين نسق الاستجابة، إذ أن مثل هذه الفجوات إلى جانب أنّها تشكّل خطأ استراتيجيا على تطوّر المجتمعات و نهوضها فانّ مثل هذا التأخر في تفهّم الاحتياجات كمّا وكيفا للأجيال اللاحقة سيشكل دائما مناخا من عدم الاستقرار وسيضيف إلى عناصر التوتّر السائدة بطبيعتها بين طموح أجيال الأبناء الجديدة ومحافظة أجيال الآباء      conflits de generation)  ( عناصر سخط وغضب وعدم رضا نتيجة تهميش احتياجاتها وعدم القدرة على الاستجابة لها.
فالاستشراف الاستراتيجي ليس ترفا منهجيا أو تحذلقا لغويا بل هو ضرورة من ضرورات التخطيط المستقبلي السليم ومفتاح من مفاتيح ازدهار المجتمعات وتطوّرها.
الاستشراف الاستراتيجي ليس تكهّنا أو تنبّأ  بل هو بناء منهجي تشاركي ينطلق من الرغبة في صياغة تصور مستقبلي بطريقة منهجية عالمة وينطلق من القدرة على استيعاب الواقع/الحاضر وتوجيهه نحو تحقيق التصور/ الغاية المنشودة.
و الاستشراف الاستراتيجي ليس التخطيط الإستراتيجي فالتخطيط يقوم على أساس وضع أهداف مستقبلية (5 سنوات) اعتمادا على تقييمات الماضي وإحصائيات الحاضر مع قراءة السياق والمناخ العام المحيط بقدرتنا على أخذ القرار وتحديد الخيارات الملائمة والمناسبة، والتخطيط الاستراتيجي يقرئ حساب لعناصر البيئة (الاجتماعية،الثقافية، الاقتصادية، السياسية، التشريعية والقانونية) و يتفاعل معها لإنجاح البرامج والمشاريع بينما الاستشراف الاستراتيجي يتجاوز كلّ هذه العناصر  لبناء بدائل وسيناريوهات مستقبلية بالضغط على  عناصر البيئة المحيطة وتوجيهها لتحقيق البدائل المنشودة.

إذا ما الاستشراف الاستراتيجي؟
ما تاريخــه ومدارســه؟
ماهي أدواتــه ومناهجــه؟