الأحد، 19 سبتمبر 2010

هل من عصر أنوار إسلامي؟

هل من عصر أنوار إسلامي؟ (جزء1)

حافظ الجندوبي

عصر أنوارنا الاسلامي و نهضتنا ستكون مثلما الغرب مرتبطة بموضوع أساسي ألا وهو الدين،الغرب عرف الإصلاح الديني كمدخل للنهضة، وفي واقع الأمر و التاريخ ، الغرب لم يشهد إصلاح ديني بل شهد عملية تحديد سياسي للمجال الديني سوغته مبررات فلسفات جديدة مع لوثر وكالفن ، وإعادة القسيسين و البابا إلى كنائسهم و رهبانيتهم، وما لله فهو لله و ما لقيصر فهو لقيصر ،أما نحن ففعلا مطالبون بالإصلاح الديني لكن ليس على طريقتهم بل على طريقتنا ليس عن طريق علمانيتهم بل عن طريق إسلاميتنا، فالأمر كله لله ،الإسلام لم يعرف تشويها ولا تحريفا في مصادره بل كان على الدوام محفوظ،" إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"و بالتالي فالإسلام لا يشكل عائقا نحو التقدم و تحقيق النهضة بل هو شرطها الأساسي في حالتنا وواقعنا،الإصلاح يهتم و ينشغل بإعادة فاعلية الدين لواقعنا و ليس إبعاده،بإحياء الدين في روحه ومعانيه ومقاصده في مجتمعاتنا، ربط القول و الفعل و العمل بالدين و ليس فصلهم عنه و تحويلهم إلى جزر مقطوعة عن كل تواصل به ، يكون الإصلاح بنفض الغبار عن جوهر الإسلام و تلك الروح التي تنزلت فبثت في العرب دماء جعلت قبائلهم المفرقة وجاهليتهم الطويلة حولتهم في بضع سنين إلى بناة حضارة ومشيدي مدن ومساهمين في إنتاج العلوم وتطويرها ونقل التراث الإغريقي و الهندي والفارسي و المحافظة عليه من الضياع و الاندثار.

والإسلام ليس إسلام للإنسان العربي أو الفارسي أو الهندي هو إسلام الإنسان أين ما كان، و حيث ما وجد ،فالإسلام رسالة لكل البشر منذ صرخته الأولى في جزيرة العرب ، الإسلام في غاياته و مقاصده الإنسان أين ما كان ، الإنسان العالمي بمصطلح اليوم ، قد تتعدد التفاسير و المذاهب بتعدد الواقع و الوقائع البشرية لكن الغاية واحدة ، والسبيل والمنهج من نوع الغاية ،لا يحقق الصالح و الخير إلا بما كان صالحا و خيرا و إلا اضطربت القيم والأخلاق وفسدت الغايات، لا يتحقق العدل إلا بوسائل عادلة و لا يتحقق الأمن بالترهيب ولا تتحقق التنمية بالقمع و بالاستبداد بالبشر وفرض الخيارات قسرا و لهوا،يضاف إلى هذا أن الإسلام يلاقي تحديات عالمية لا تقل شأنا عن تحديات المحلي والإقليمي و خاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر..... و أصبحت فرصة عالمية الإسلام سانحة أكثر من أي وقت....... وٌضع الإسلام في التحدي عالميا و نوعية الاستجابة الإسلامية بطبيعتها كانت لا بد أن تكون عالمية..... و أصبح الإسلام مطلوب على أكثر من جهة ،جهات أمنية واستخباراتية بتهمة الإرهاب ، وجهات بحثية من طرف مراكز الدراسات و خزانات الأفكار لوضع الدراسات بين يدي راسمي السياسات و متخذي القرارات في الغرب ، وقد يتخذ شكل فوبيا و عنصرية ضد كل من ينتسب إلى الإسلام عند البعض ، كما صار الإسلام مطلوبا من طرف العديد من الغربيين و الشرقيين بحثا عن الحقيقة و عن غير المألوف عندهم و تراهم يدرسون و يتابعون كل ما يتعلق بالإسلام و المسلمين بحثا و استكشافا ولما لا إيمانا و إعلانا للإسلام .

وهذا التحدي العالمي على الإسلام لا يواجهه المسلمون إلا بإثبات إمكانية إسلام عالمي وإسلام يقدم خيرا لكل البشرية مؤمنيهم به و كافريهم به.

لا عقدة للإسلام و المسلمين اتجاه أي إيديولوجيا فانه لا يحق لأي إيديولوجيا التباهي بتفوقها فكل الإيديولوجيات تفوقت أيضا في تحطيم الإنسان و استغلال الإنسان و في حرق الأرض من تحته و إفساد السماء من فوقه و تلويث البحر من حوله، و كلها مدعية خدمة الإنسانية و التقدم بالمجتمعات....تارة بشرعية الدولة و الجماعة و الحزب الواحد فسحق الفرد في قيمه و حريته و معتقده،وأخرى بشرعية الفرد و الفردانية فسحقت الجماعة في حقوقها الاقتصادية والاجتماعية و شرع للاستغلال و النهب الواسع للشعوب و المجتمعات من أجل الرأسمال الفردي و أناقة رجل الأعمال ورفاهته المفرطة و بدانته و جواريه،

وكل الإيديولوجيات جربت فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر في انتظار البدائل الإنسانية المنقذة، وعلى هذا الأساس لا يحق لأحد نفي الآخر و إلغاء الآخر و إقصاء الآخر، و أن الجميع له نفس الفرص و الحظوظ و الحقوق بالتساوي في التواجد و التعبير عن الذات و محاولة التطور و البعث من جديد...و في النهاية لا نحتاج إيديولوجيات تعيش و بشر يموتون... و لسنا في حاجة إلى إيديولوجيات سعيدة و بشر تعساء و أشقياء.....

انتهى زمن الحتميات التاريخية و إن كان هناك من حتمية فهي اللاحتميّة،كل شيء مفتوح على خيارات و سيناريوهات متعددة علمنا منها ما علمنا وغاب عنا ما غاب، و أبان المنهج الديكارتي و العقلانية الصارمة عن عجزها و قصورها في فهم عالمنا الجديد هذا العالم الذي يزداد تعقيدا و تركيبا و صعوبة في فهمه بما نمتلكه من مناهج ومفاهيم و هو بالتالي يطالبنا بطرق تفكير جديدة و بأدوات فهم و تحليل تتناسب وتعقيداته و تركيباته الجديدة و تحدث سيمون عن العقلانية كأداة اجرائية (Rationalité Procédurale) في تراجع عن العقلانية كغاية مطلقة التي أدرك أننا عاجزون و يستحيل أن نحققها(Rationnalité Substantial) وتحدث مورن Morin عن التفكير المنظوماتي (Approche Systemique ) و التفكير المعقّد ((Pensée Complexe وهي مقاربات تأخذ في عين الاعتبار ظواهر التعقد والتركيب و اللاتوقع و الانفلات عن الضبط التي باتت تتسم بها قضايا عصرنا و مشاكله ، وتتغير مناهج بناء الأنساق والمفاهيم و النظريات المعرفية ( ( les modèles و أصبح ما يعرف Interdisciplinarité)) بالتداخلية أو التعددية الاختصاصية و transdisciplinarité créative و pluridisciplinarité يتجه لتعويض الاختصاصية الصارمة الأحاديّة، وتطور الفكر الاستراتيجي التقليديpensée stratégique إلى التفكير الاستراتيجي الاستشرافي(la prospective stratégique) ، و الخطابات المتعددة المستويات(multidescours) في الفهم و التحليل بدل الخطاب الأحادي(l’unidescour) المتفرد بالفهم و النظر، و نحن هنا و هناك و كأننا تعاهدنا أن لا نغيّر مكانا !!!! وكل هذه تبقى مناهج نستعين بها لا أديان جديدة، وكل هذه تبقى مناهج قابلة للمراجعة و التغيير و التجديد و ليست نظريات نهائية و متكاملة...وهي مناهج لا تعوض منظومات قيمية أو أخلاقية أو إيمانية بل هي أدوات تحليلية وصفية....

و بالرغم من كل ذلك فالغرب اليوم مثل البارحة يقر بمآزقه الفلسفية و الفكرية والإيديولوجية وهو صانعها،الغرب يقر بمحدودية مناهجه العلمية و تفتحها على إشكاليات جديدة ليس لها أجوبة في الوقت الحاضر، الغرب يقر أن التقدم العلمي و التكنولوجي قد فتح البشرية على سيناريوهات جديدة غامضة غير مفهومة في اتجاهاتها و مساراتها؟ ففي ما نكابر و نحن المقلدون، ونحن التابعون، ونحن المترجمون الحرفيون؟

أصبحنا نصنع عوالم أجمل و أكثر حداثة و عصرنة لكن بإنسان أكثر تعاسة و شقاء،إنسان سعادته وهمية قابلة للضياع و التلاشي في أي لحظة لأنها سعادة تملك و ليست سعادة كينونة،لأنها سعادة في كم أملك و ماذا أملك؟ في ماذا أستهلك وكم أستهلك؟ و ليست سعادة في من أكون أنا نفسي؟ أصبحت سعادة مرتبطة بعبودية للأشياء؟ و ليست مرتبطة بالحرية و التحرر من الأشياء و إعلاء للقيم و صنع للذات و إثباتها؟ ولعل هذا هو الفرق بين فهم الإسلام لسعادة الإنسان الحقيقية و فهم الإيديولوجيات لسعادة الإنسان المتخيلة و كيفية صناعتها؟

و ليست التقدمية التي تحتل صدارة و دعوة كل إيديولوجية، فكرة مجردة عن ممارسة ومثال مجرد عن واقع فكل تقدمية تقاس بما تقدمه من خير و نفع للإنسان وتوسيع حريته في التفكير و الاختيار، وقطع سلاسل الجبر و العدمية التي صنعها له أخوه الإنسان ووهم التاريخ الذي نصنعه و من ثم يأسرنا و ندعي انه لا حول لنا و لا قوة أمامها !!!! فأحاطت به لتجعله شبه إنسان مقعدا و معتقدا أن هذا الوضع لا انفصام عنه !!!و ما هي في الحقيقة سوى أوهام و أضغاث جهل ونوازع للقعود و التخلف والتواكل.

السبت، 11 سبتمبر 2010

علوم المستقبل.....بداية

علوم المستقبل.... بداية
حافظ الجندوبي

« Voir loin, large, profond, prendre des risques, penser à l’homme » Gaston Berger
(1964)


المستقبل لم يعد غيب بل هو عملية صناعة، لقد تمكن الغرب بعلومه و تقدمه التكنولوجي أن يسيطر على أنواع الجغرافيات المكانية و له فيها كل السبق، إنها سيطرة شبه كاملة على المجال الأرضي الواقعي عن طريق وسائل المواصلات والاتصال و أقماره الصناعية و طائراته التي تملأ الفضاء، وهاهو الآن ومنذ عقود يتنقل لجغرافية الفضاء في رحلات مكوكية متتالية لاكتشاف الفضاء و لما لا تسخيره، وها هو كذلك يسيطر على الجفرافية الافتراضية و الرقمية بل بيده مفاتيح فتحها والوصول إليها.
لم يعد المكان وحده معني بسيطرة الغرب بل صار الزمن الذي كنا نظنه غيبا مطلقا محل تنافس في إطار ما يعرف بعلوم المستقبل أو علم المستقبليات أو علوم الاستشراف الاستراتيجي و ذلك في مختلف مدارسه و منطلقاته المتعددة، و لكن يبقى الهدف الأساسي هو ضمان سير المستقبل لصالح دوله وشعوبه
إن الزمن كما المكان إحداثيات و قوانين يخضع الثاني لقوانين الفيزياء و الحسابات الرياضية ومعادلاته، و كذلك الأول يحتوي على إحداثيات وقوانين تسعى نحو أن تكون قوانين منطقية و عقلية بما توفره علوم التاريخ و الفلسفة و العلوم الإنسانية و الاجتماعية في إطار من الفهم المتعدد الاختصاصات ليقرب إلينا كيف بالإمكان جعل المستقبل بيدنا و ليس بيد المفاجآت و الغيبيات التي طالما اعتقدنا فيها بطريقة خاطئة و قاصرة.
إن علوم المستقبل Futurologieليست فقط مسالة نظرية تحوم في يوتوبيات حالمة أو افتراضات و تخمينات مبنية على معطيات سابقة بل تحولت إلى عملية صنع صور للمستقبل و بناءات مستقبلية مجتمعية و تحويلها إلى واقع،فالمستقبل دخل في إمكانيات الفعل الإنساني و في إمكانية حرية أوسع حتى من الحاضر نفسه الذي شكل و انتهى أمره،خياراتنا نحو المستقبل أصبحت أكثر إمكانا من الواقع الحاضر نظرا لتعقيداته و تداعيات الماضي الثقيلة عليه.
بل إن الفعل الإنساني أصبح يراهن على المستقبل أكثر من الحاضر نفسه الذي يعاني من عملية اكتمال و إشباع و ضعف هوامش الحرية والخيارات فيه، و لا يعني هذا بالطبع إلغاء الحاضر لفائدة المستقبل لأن إمكانيات أي تصور في المستقبل لا يمكن أن تبنى من فراغ أو تتشكل على هواء، بل الحاضر بما هو واقع هو الملهم الأول و المعين الأول على حسم العديد من الخيارات مستقبلا.
« Regarder l’avenir bouleverse le présent » Gaston Berger

وفي إطار هذا التنافس للسيطرة على الزمن بعد السيطرة على المكان تسبح عديد المدارس والمقاربات النظرية و العلمية تحاول و تعمل مراكز الدراسات الإستراتيجية و المستقبلية على تحويلها إلى معطيات مهمة في بناء السياسات و اتخاذ القرارات السياسية المختلفة.
قصة رغبة سيطرة الإنسان على الزمن قديمة و ليست أمرا مستجدا تكمن في يوتوبيات المدينة الفاضلة و الإيديولوجيات المختلفة التي سعت لبناء مجتمعات أفضل ترنو نحو المثالية،كانت رغبة الإنسان في السيطرة على الزمن تخضع لأسباب مختلفة وهي تستمد شرعيتها من نزعات تعويضية على فقدان الأمن و العدل و الحياة المثالية و الخوف من الموت و الهلاك
و تسعى المجتمعات و الدول دائما إلى أن تحافظ على قوتها و تقدمها لذلك تحاول وضع المشاريع المستقبلية التي تضمن لها نصيب من الأمن و القوة و التقدم.
علوم المستقبليات هي علوم غنية و تستمد غناها من حاجتها إلى معظم العلوم الأخرى و فروعها وهي عملية علمية معقدة نوعا ما و تستحق جهود كبيرة كمراكز دراسات و استشارات بتمويلات غير هيّنة و بكفاءات متنوعة و متكاملة، انه علم يحتاج لجهد بشري جماعي في إطار من الديمقراطية التشاركية ومن هنا تستمد خيارات المستقبل مشروعيتها،
ولا يزال الجدل قائما و لا تزال العقول تسيل بالأفكار حول موضوع علم المستقبليات أو علوم الاستشراف التي تعتبر من الناحية العلمية جديدة مقارنة بعلوم أخرى، وان كانت من حيث الأهمية و الحاجة و التعبيرات الفلسفية قديمة قدم الإنسان نفسه، حتى و إن ذهبنا إلى إمكانية طرد أفكار مفرطة في التفاؤل حول إمكانية السيطرة على المستقبل سيطرة على الزمن...فان مثل هذه العلوم لا غنى عنها فهي تمدنا بأدوات خلاقة في التفكير و التخطيط و الاستشراف و الاستباق يحتاجها الفعل الإنساني اليوم في مختلف مستويات القرارات و السياسات، للتنمية المستقبلية، وان محاولة اكتشاف نصيب العرب والمسلمين وحظهم من هذا العلوم أخاف أن أقول إنها قريبة جدا من نصيبهم المحتمل مستقبلا في هذا العالم و اترك لكم الأمر للتخيل.......
فما هي مجالات علم المستقبل؟ و ما هي إمكانياته وحدوده و مرجعياته الفلسفية و النظرية؟
ما هي أدواته؟ وما هي حدود الاختلاف و التكامل بين المدارس الموجودة و خاصة بين المدرسة الأوروبية و المدرسة الأمريكية؟ وهل يمكن للعرب و للمسلمين أن تكون لهم نظرياتهم ومدارسهم المستقبلية على غرار" الحق في الاختلاف الفلسفي" كما يقول طه عبد الرحمان؟
ما هي مجالات استخدامهما؟ وما هي أهم الملاحظات النقدية الموجّهة إليهما؟
و أي مستقبل لعلم المستقبل؟
و أسئلة أخرى....

الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

الشباب في سنته الدولية :الإصلاح الشامل هو المطلوب و الإصلاح السياسي هو المفتاح

الشباب في سنته الدولية

الإصلاح الشامل هو المطلوب و الإصلاح السياسي هو المفتاح


حافظ الجندوبي



الشباب هذه الأيام محل اهتمام السياسات الوطنية وهذا أمر يدلّ على أن هناك مشكل حقيقي فطبيعة أنظمتنا العربية تعوّدنا أن الاهتمام بموضوع لا يكون إلا بعد استشعار المخاطر و أحيانا بعد أن تتعقّد الأمور عليها بشكل كان ممكن تفاديه بسياسات استباقية و استشرافية و بسياسات أكثر عمقا و جدوى بعيدة عن الظرفية و السطحية و المعالجات الأمنية، ومن المهم أيضا التركيز على فئات اجتماعية و سكانية بمقاربات التمييز الايجابي ن ومن المهم أيضا التركيز على سياسات قطاعية محدّدة،لكن من المهم النظر جيدا في مقاربة شمولية و شاملة للإصلاح، و في اتجاه عمودي و أفقي يستهدف الإنسان و المواطن التونسي بصفة عامة في تقاطع مع السياسات و البرامج المخططة من قبل الدولة ،و لا يوجد انفصال وتناقض بين الاهتمام بالشباب و في نفس الوقت بالمجتمع و بكامل مؤسساته و فئاته، اهتمام بالمواطن التونسي و الإنسان التونسي بصفة عامة، فالاهتمام بالشباب هو اهتمام بتوفير البيئة التي تحيط به و ينشأ فيها و يستلهم منها قدواته و سلوكاته ، هو اهتمام بمعالجة و متابعة لكل السياسات فقبل أن يكون الشاب صالحا لا بد من طفولة صالحة، إذا لا بد من اهتمام بكل السياسات من تعليم و صحة و رياضة و تشغيل و تشريك وتحفيز للمشاركة و الاهتمام بالشأن العام، الاهتمام بالشباب هو أولا اهتمام بالطفولة بتوفير سياسات تعليم صالحة للمستقبل تمكنه من قدرات ومهارات ومعرفة علمية محيّنة تجعله يعيش زمانه، هو أيضا اهتمام بالأسرة و بمقدرتها الشرائية وتوفير الحماية و الدعم الاجتماعي للطفولة ( منحة الأطفال في تونس تقدر ب7 دنانير شهريا عن كل مولود؟؟؟؟) و لما لا منحة أمومة محترمة و سنأتي على موضوع الطفولة في مناسبة أخرى، لكن كل هذا مهم حتى يصل الطفل إلى مرحلة الشباب وهو في قدرة من العطاء و الحماسة ،لا منهكا صحيا وتعليميا و معرفيا و هزيلا ثقافيا و مصاب بكل أنواع سوء التغذية البدنية و الفكرية و الروحية و الأخلاقية............

المقاربة المطلوبة هي المقاربة الشاملة و التي تستهدف معالجة المشاكل و النواقص و التناقضات في البيئة التي يعيش فيها المواطن التونسي بصفة عامة بمن فيهم الشباب التونسي و الذي نعتقد انه لا يعيش على سطح المرّيخ بل هو يعيش في هذا الواقع التونسي وهذه البيئة التونسية و هذا المناخ السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي الذي يفتقد إلى الحيوية ويعاني من جمود سياسي يمنع المهتمين بالسياسة عن ممارستها فما بالك بالعازفين؟ ، أيضا لن ينشأ الشاب في توازن في ظل مجتمع غير متوازن و أسرة غير متوازنة ماديا ووظيفيا، في ظل مجتمع مدني ضعيف و مخترق و أصبح مدرسة للانتهازية و الوصولية و النفاق و في ظل سلطة ترفع شعارات لا تلتزم بها مما أعطى انطباعا عاما لدى الشباب بعدم الثقة في السلطة و في ما تطلقه من مبادرات و دعوات........يتبع