الأربعاء، 1 أغسطس 2012

الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل و سياسة "كظم الغيظ" المتبادلة


الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل
و سياسة "كظم الغيظ" المتبادلة 

بقلم حافظ الجندوبي








تصاعدت و تيرة التوتر بين "الاتحاد العام التونسي للشغل" و العديد من الأطراف، فأوّل الاطراف كانت "الحكومة" و "حركة النهضة" و ذلك بعد أيام فقط من انعقاد مؤتمرهم و تشكيل المكتب التنفيذي .و كانت الأشهر الأولى من سنة 2012   قد طغى فيها على المشهد السياسي و الاجتماعي التشنجات و تبادل التهم بين "الحكومة" و "الاتحاد" حول مجموعة من القضايا إلى حد مشاركة الاتحاد في تحركات تطالب بإسقاط "الحكومة" و العمل على إرباكها ثمّ لتهدأ الأمور بعد ذلك خاصة بعد قرار مشاركة "حركة النهضة" في تحركات "1 ماي"  بمناسبة "عيد الشغل" تحت يافطة "الاتحاد" مما سحب البساط من تحت أي لاعبين أو أطراف راهنوا على تحويل الحدث   إلى استفزازات و توترات إضافية و قد عقدت بعض اللقاءات السياسية لكن بطريقة إعلامية من خلال استضافات متكررة لأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد وبعض وزراء و مسئولي الحكومة و"حركة النهضة"، يضاف إلى ذلك موقف الحكومة من التعددية النقابية على الأقل على مستوى المفاوضات الاجتماعية  حيث لا تزال تقرّ الحكومة بالاتحاد كمحاور ومفاوض اجتماعي رسمي ووحيد رغم احتجاجات بقية النقابتين "اتحاد عمال تونس" و "الجامعة العامة التونسية للشغل"...و بعد أشهر من الهدنة الغير معلنة تعود الساحة لتشهد تشنج في علاقة بموضوع "مستشفى الهادي شاكر بصفاقس" و يعود تبادل الاتهامات و تحوّل الموضوع إلى "النيابة العمومية" و"القضاء العدلي" بعد إيقافات في صفوف النقابيين....و يتواصل مسلسل الاحتقان ثم كظم الغيظ أكثر منها هدنات حقيقية بين "الاتحاد" و "الحكومة"....

الطرف الثاني الّذي بات يشكك في مدى حيادية "الاتحاد العام التونسي للشغل عن التجاذبات السياسية والإيديولوجية هي القواعد النقابية عن طريق ما تصدره أحيانا من بيانات، و كذلك شريحة من المواطنين التونسيين الّذين باتوا يرون في "الاتحاد" مهدد لمصالحه و معطّل لوضع اجتماعي و اقتصادي يتسم بالعطالة والبطء من حيث النمو و التعافي...و يزعج مواطن تونسي يميل أكثر للاستقرار و حلّ المشاكل بعيدا عن منطق الاستعراض للقوّة ، كلّ هذه المعطيات أصبحت تضع صورة "الاتحاد" ومستقبله موضع تساؤل.....؟


هل الاتحاد ضحيّة....؟ و سيناريوهات الصورة الجديدة؟

الاتحاد  كأكبر و أوسع نقابة و بما يحمله من رمزية و تاريخية و ما جسّده من أدوار رئيسية لعبها و لا يزال في تاريخ تونس الحديث وفي الإطاحة  "بنظام بن علي"، بات اليوم كالواجهة التي يحتمي ورائها الكثيرون ممن تضرّروا من الثورة ،وفي مشهد استفزازي غريب حيث نجد ممن يعتبرون إيديولوجيا و سياسيا قد أساءوا  للاتحاد  واقفون على الضدّ من مبادئه  نجدهم في مجال التحالف معه ، مما افقده الكثير من المصداقية و بالتالي يرشّح هذا الوضع لإضعاف دوره خاصّة مع تضاعف منخرطي النقابات الجديدة و  تزايد تأثيرها الميداني ومطالبتها بحصّتها في الحوار والمفاوضات الاجتماعيّة وهو ما قد يشكّل في الأشهر المقبلة وسائل إضافية بيد "الحكومة" للضغط  على"الاتحاد" المنهك أصلا ،و لذلك تعتبر قيادات  "الاتحاد العام التونسي للشغل " أن هذه النقابات تعمل على إضعافه وإضعاف العمل النقابي و أن التعددية النقابيّة لا تخدم مصالح منخر طيه.
ومن المرشّح أيضا أن يواصل الاتحاد لعب دورا سياسيا و اجتماعيا مناوشا و مربكا لعمل الحكومة الأشهر القادمة لكن إمكانية تخلّي الأطراف الحزبية عنه تلك التي خابت توقعاتها الانتخابية في 2011 والتي لجئت إليه في الأشهر السابقة وارد على أساس بداية عودة المواسم السياسية الحزبيّة و ايضا المواعيد  الانتخابية المقبلة..



ليست هناك تعليقات: