الأربعاء، 9 أبريل 2014

العدالة الانتقاليّة ... جبر اضرار؟


"العدالة الانتقالية " بقدر ما كانت آليّة انسانية وحقوقية ومؤسساتيّة أنتجتها تجارب شعوب في مراحلها الانتقالية لاعادة بناء ذاتها و اصلاح مؤسساتها ،كان القبول بها تنمّ عن روح ووعي تونسي اصيل بالتسامح و الابتعاد عن الانتقام و الاقصاء الجماعي و تبجيل للمصلحة الوطنيّة و الجماعيّة الآجلة على العدل الشخصي العاجل....
فان البعض السياسي حوّلها الى مخرج للافلات من أي مسؤوليّة و عمل على تمييعها لاختزالها في نهاية المطاف في عمليّة "جبر أضرار" للافراد المتضرّرين يستحي فيها الضحيّة قبل الجلاّد و اللصّ و المفسد...
 حوّلها البعض الى مناسبة للمزايدات وتسجيل مواقف غبر مبدئيّة و لغايات انتخابيّة، و يحوّلها البعض في مجتمعنا المدني الى بضاعة يشتغل بها لجلب التمويلات و الانتفاع ببعض الامتيازات الماديّة ....
و قد يستفاد كلّ هؤلاء ضرفيّا و ان اختلفت مواقعهم وخطاباتهم لكن يبقى الخاسر الاكبر قيمة العدالة والحقيقة و التماسك الاجتماعي و امكانيّة اصلاح مؤسساتنا بالاستفادة ممّا حصل...
و في النهاية مراكمة للعنف و الحقد الّذي قد ينفجر في أي لحظة و اهدار للفرص التي قد لا تاتي مرّة أخرى....

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل و سياسة "كظم الغيظ" المتبادلة


الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل
و سياسة "كظم الغيظ" المتبادلة 

بقلم حافظ الجندوبي

الخميس، 10 مايو 2012

الحزن العظيم / أدب











الحزن العظيم / أدب

     

أديب إبراهيم الدباغ | كاتب وأديب عراقي

سُئل عليه الصلاة والسلام عن سُنَّته فقال: "الحزن رفيقي، والشوق مركبي، وَقُرَّةُ عيني في الصلاة".
من عمق أعماق الوجود يرتفع شجَن لا يدركه إلا روح نبي... ومن قلب الحياة يسري شَجْو لا تسمعه إلا أذن نبي... ومن الغبطة نفسها ينساب حزن خفي لا يحس به إلا فؤاد نبي... والكون كله طاقة حنين لا تقوى على احتمالها إلا نفس نبي.
و"القرآن" -نبض الوجود وخَفْق الكون- بالحزن نزل، وعلى قلب حزين نزل: "إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا" (رواه ابن ماجة) كما قال عليه الصلاة والسلام.
فأيُّ إنسان لا يذكر أنه في يوم ما انبعثَ عنه نُواح حزين دون إرادة منه، وأن حنينًا فاجأه -على حين غِرة- حمله على التّأوه والألم من غير أن يعرف له سببًا، وكم بكى الإنسان وهو في عنفوان فرحه، وكم ظُلمة في النفس أضاءها الحنين وطهرها الدمع الهتون؟.. وكم أنّة في الأسحار سمتْ بالإنسان حتى ارتقى أسباب السماء بلا علم ولا عمل؟.. وكم خيال شبّت فيه النيران وألهبت عقلاً باردًا لم يعرف صاحبه شوقًا ولم يذرف دمعًا؟.. فعظمة الإنسان، في تحرره من مصائد الأزمنة والأمكنة، وفي قدرته على احتمال عذب الحنين، وعذاب الشوق الدفين حاديه إلى الخلود حيث يرسو مركبه على أبواب الأبدية، وحيث ترتفع البراقع، وتنـزاح الحجب، وتتعرى حقائق الأفكار والأشياء، ويتنفس الإنسان أنفاس الحياة الأبدية دون خوف من فقدانها أبدًا.
إن روحه -عليه الصلاة والسلام- تسبح في ملكوت حزن كوني مبعثه التياع واشتياق يضطرم به قلب الكون في ظمئه اللاهب إلى أنداء الرحمة الإلهية التي من دونها يتطاير شظايا في الفضاء ويتحول إلى رماد بارد لا حس له ولا شعور... فحزنه عليه السلام يتعاظم في أطواء نفسه الشريفة وهو يصغي إلى روح الكون، وهو يترنم شجى ووجدًا: حنانيك يا رب... لا خِل إلا إياك... ولا صاحب سواك... ولا سلوة وعزاء إلاّك!..
حزنك يا رسول الله أراق دمع الوجود، وأهرق أسى الأكوان، وأشعل جذوة حنين في قلوب المؤمنين... يا أسوة حزن كل حزين، ويا دثار الواجدين المشفقين، ويا سلوان الحزانى والمتألمين!..
ولأنه يتيمًا ولد، فألمُ اليتم في روحه دفين، وظلال حزنه تظل بهجة روحه، وتلاطف إشراقة وجهه، وتمازج تبسُّم ثغره... فمع اليتم يمضي في كل مرة... أبوه الذي لم تكتحل عيناه برؤيته... ثم أمه جليسة فؤاده الصغير... ثم جدّه ركنه الركين... ثم عمّه الحامي والنصير... ثم زوجه خديجة، وما أدراك مَن خديجة رضي الله عنها... فكل أولئك الذين بكاهم الواحد تلو الآخر من قبلها، عاد يبكيهم بحرقة أشد وأعظم في شخص خديجة... ثم مكة شقيقة الروح وشِلْو الفؤاد... والكعبة توأم وجوده في عالمي الغيب والشهادة، تلك التي هي "أحبُّ بلاد الله إلى قلبي، ولولا أن قومكِ أخرجوني، ما خرجتُ عنكِ أبدًا وما ابتغيتُ عنكِ بديلاً". (رواه الترمذي)
وإلى "الطائف" يمضي، وروح اليتم ظل يتبعه، والأسى يحث خطاه إلى جانبه... وها هي "الطائف" تتسافه عليه، وتتنكر له، وترده عنها!..
يا ذات اللسان الدنس، ويا صوت الرجس، يا عنيفة يا غضوب... على مَن تتسافهين؟.. وعلى مَن تعنفين؟.. على مَن جاء يخطب وُدّكِ، ويحبوكِ خيره، ويعلمكِ الإيمان ويهديكِ للإسلام؟! "إنْ لم يكن بك عليّ غضبٌ فلا أبالي"... مَن له قوة نفس كما لقوة نفس محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة المحن... ومن التهيؤ لاحتمال ما تأتي به الأيام من الكروب والآلام؟.. إنه يصعِّد آهة حرّى... ولكن ذهنه في غاية الصفاء، وروحه في غاية النقاء، وعيناه النديتان فيهما رقّة وإشفاق...
جبريل: إن شئتَ أطبقتُ عليهم الأخشبين.
نبي الرحمة: اللّهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون.
وقِطف من العنب على طبق يأتي به "عدّاس" ويضعه بين يديه عليه الصلاة والسلام... يتناول القِطف: بسم الله... و"عدّاس" يشده: هذا كلام لا يقوله أهل هذا البلد.
- "من أي البلاد أنت"؟
- من نينوى.
- "من قرية أخي العبد الصالح "يونس بن متّى"؟
- وما أدراك بـ"يونس"؟
- "أنا نبي... وهو أخي في النبوة".
وينكبّ "عدّاس" يقبّل يديه ورجليه ويهمُّ أن يغسل بدموعه دماء عقبيه... ويعود "عدّاس" إلى سيّده بغير الوجه الذي جاء به... بينما يعود محمد عليه الصلاة والسلام إلى مكة بالحزن نفسه الذي جاء به.
من منابع الحزن في أرجاء الكون شرب فارتوى... وإلى ترانيم الأسى من قلب الكائنات أصغى وسمع... أمّا حزنه هو فقد هزّ السماء، وأقضّ مضجع الخليقة... إنه حزن العزيمة المتعالية فوق كل الإحباطات، وومض الروح المتسامي على كل أحزان الأرض... إنه حزن الرضى بما تأتي به المقادير، وبما يقدِّره الحبيب على الحبيب... حزن الثورة على ظلمات الدنيا وجهالات الإنسان... الحزن الذي يبلغ من القوة حدًّا يستطيع معه أن يحطم كبرياء أعظم طواغيت الأرض غطرسةً، وأن يقهر أشدّ أنواع القهر والعذاب... إنه حزن مضيء يغمر بالأمل كل مَن يلتقيه وما يلتقيه... إنه حزنُ نبي يريد أن يحرك العالم، ويستنهض جنس الإنسان ضدّ العبوديات والصنميات... إنه حزن مَن يريد أن يهزّ صدر العالم ليعيد لقلبه نبض الإيمان قبل أن يسكت إلى الأبد.
إن سيرة أحزانه عليه الصلاة والسلام إيماء لأصحاب الأرواح التائهة بتقبل الالآم كطريقة وحيدة لا مناص منها لاسترداد أرواحهم المغيبة وشحذ ما تراكم عليها من صدإ حائل بينها وبين الفهم عن الأنبياء وإدراك عظمة الرسالة التي بُعثوا بها.
صرخة يأس انفلتت من "أبي بكر" في لحظة ضعف دون قصد منه، وكأن معين الشجاعة عنده قد نضب، ورصيد الثقة بالنصر قد نفد، كانت صرخة إشفاق على صاحبه طوتها ظلمة الغار، وامتصتها جدرانه المصمتة: "لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لكشفنا"!
أومضتْ عينا الرسول عليه السلام ببريق الثقة التي لا يهزها شيء، وجرى صوته في جنبات الغار هادئًا نديًّا مطمئنًّا: ﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾(التوبة:40).
ليس بحزن على نفسه، ولا بخوف على شخصه... إنه قد عاهد الله من قبلُ أن يبيع نفسه لكي يشتري بها أيّ لحظة حزن أو ألم يمكن أن تعتور نفس صاحبه المفدّى.
ولم يكد يسمع جواب الرسول عليه السلام حتى شعر وكأنّ ماءً برودًا صُبَّ على نار خوفه وإشفاقه فأطفأها إلى الأبد، وأن شلاّلاً من القوة اقتحم نفسه وشرع يسقي برذاذه كل ما داخل نفسه من أسباب الضعف والخوف، فما عتمتْ أن أشرقت روحه بشعاع من جلال الرسول صلى الله عليه وسلم وشدة بأسه وثباته في الملمات، وقد غاب عن ذهنه في لحظة الضعف تلك أن جلال محمد وقداسته هي التي تجعل الكون في خدمته وبين يديه، فأخذ يقترب من الرسول شيئًا فشيئًا ليلامس جِلدُه جِلدَه وكأنه يريد أن يستدفئ من بَرداء الخوف بحرارة الإيمان المنبعثة من صاحبه عليه السلام.
الحزن علوي المنبع، إلهي المنـزع، جمالي المرتع، بطولي المنشأ، يمتزج بأجزاء النفس، ويجري في مسارب الروح، يمسّ أكبادنا بجذوة من نار الأشواق، وينير جنباتنا بشعاع من سجدات المحراب... إنه الدمعة والابتسامة، والخوف والرجاء، واليأس والأمل، فهو خليق بالعُبّاد والزهاد، والساميين من الرجال، وبقلوب الأنبياء والرسل من ذوي العزمات والبطولات، وهو الذاكرة التي تستقطر دموع الجنس البشري، وتستذكر آلامه ومآسيه... فمِن الحزن ينبعث إنسان المهمات الصعبة، وتتنامى البطولات، وترتفع العزائم، وتزدهر الفضيلة، ويولد نبلاء الفكر، وتثور ثائرة العقل، وتتعزز قوى الحواس، ويفتح الخيال أبوابه، ويرتفع صرح الإيمان وتتوازن الحضارات فلا تشتط، وتستقيم المدنيات فلا تنحرف ولا تنـزلق...
فالحزن الروحي سرّ يجِلّ عن إدراكنا، إنه ينبئ عن قلب عذْب المشاعر، عالي الأحاسيس، ثري العطاء، مفعم الفضيلة، زاخر الحكمة، ظمّاءٌ للحق، بكّاءٌ على نفسه، رثّاءٌ للإنسان إذا هوى، وللفكر إذا طغى، وللحق إذا غوى...
وهو سبّارٌ لأغوار النفس، كشّافٌ للطائف الإنسان، صقّالٌ لمرايا القلب، سقّاءٌ لجدب النفوس لتخصب، ولغلظة الأفئدة لتشفَّ، ولوحشية الضمائر لتتهذب...
ذلك هو الحزن الذي كان رفيقًا للأنبياء والأولياء والصالحين، وحسن هو رفيقًا وخدينًا وأنيسًا...
لا شيءَ أقدرُ على أن يعمر قلوبنا حنانًا وطهارةً مثل الحزن، فلمسة منه يمكن أن تنتشل روحًا من هاوية الدنس، وتنقي قلبًا غارقًا في وحْل الضلالة... وللحزن رؤيا قلَّما تخطئ، وله فراسة قلَّما تكذب، وهو ألصق بالصديقين والأولياء والصالحين ناهيك عن الأنبياء والمرسلين. فكم مسَّ من أوتار قلب فأشجتْ، وكم روحًا اهتزت له وبه صحتْ من نوم ثقيل، وكم عقلاً أيقظ، وكم فكرًا هدى، وكم ذنبًا مسح، وكم حمل إلى الله تعالى من ضراعة وشفاعة، وكم رفع إليه من دموع، وصعّد إليه تعالى من خشوع وسجود، وكم كشف من مستور، وخرق نظرُه المنظور وغير المنظور من الأيام والدهور... هكذا هو حزنه عليه السلام، يخرق الزمن، ويسيح في التاريخ، ويرى أمته في آلامها وآمالها: "لو علمتم ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلاً" (رواه البخاري)... إنه يرى شلاّل دم يتفجر من "عمر وعثمان وعلي والحسين" رضي الله عنهم أجمعين، ولا يتوقف أبدًا، ويرى ولَهَ ابنته "فاطمة" وحزنها عليه إذا ما غادر الدنيا إلى الرفيق الأعلى، ويكاد يذوب حزنًا على ولده "إبراهيم" وهو يجود بنفسه، فتدمع عيناه، ويرق فؤاده: "إنّا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون، فالعين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا" (رواه مسلم)... والحزن نفسه ينتابه على حفيده من ابنته "زينب" وقد حضره وهو يحتضر، ويتلبسه حزن لا يوصف حين يجد النساء يبكين شهداءهم في "أحد" فيقول: "أما حمزة فلا بواكي له".
فحزن محمد صلى الله عليه وسلم ليس كالأحزان، ودمعه ليس كمثله دمع، فدمعة واحدة من عينيه الشريفتين قمينة بأن تُنبت غابة أحزان يستظل بها الحزانى السنين الطوال، وتستعصر مدامع السماء، وتهيج أحزان الأرض... غير أن "الزمن" يتدفق بصمت لا يلوي على شيء من الأحزان إلى حيث تقوده أقدار الله تعالى، إنه ليتدفق تتبعه حفقات قلب حزين هو قلب محمد صلى الله عليه وسلم خفقة من بعد خفقة، وزمنًا من بعد زمن، فيرى ويكتم، ويرى ويحزن، فياللهِ ما أعظمَ حزنَه! 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
(1) الشفا، للقاضي عياض. 
(2) السيرة النبوية، لابن هشام.

الخميس، 29 سبتمبر 2011

مأساة مخيم أشرف تستمر...













و الأمم المتحدة تصدر بيانا تعرف فيه رسميا بحقوق سكان اشرف كطالبي اللجوء...

تعرّض مخيّم أشرف..وهو للاجئين ايرانيين بالعراق الى مذبحة و مجزرة منذ أشهر و تحديدا في ليلة 8 افريل 2011- اسفرت عن مقتل 35 شخصا بين امرأة و طفل و شيخ و رجل- و جرح 350 شخصا...ورغم هذه المذبحة التي نظمتها قوات القدس التابعة للنظام الايراني...تواصلت عملية محاصرة المخيم اللذي يعاني المقيمين فيه من ظروف غير انسانية...تدل على قسوة و تواطى السلطة العراقية مع النظام الايراني في التنكيل بهم....دون أدنى احترام لحقوق الانسان و لأعراف اتفاقيات جينيف التي تحمي الجرحى المشاركين في القتال فما بالك بالعزل و المدنيين..و في تعارض مع كل القيم الاسلامية و الانسانية التي يدعيها نظام الآيات الايراني.....

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

يحدث في مجتمعاتنا العربية....هل سمعتم بأطفال سباقات "الهجن"..؟



سباق الهجن..و انتهاكات حقوق الأطفال...




سباق الهجن أو سباق الجمال.....احدى الرياضات الشعبية لمجتمعات الشرق الاوسط (الخليجية خاصة)، في هذه الرياضة تتسابق الجمال أو الهجن في مباريات حماسية..لحد الآن يبدو الأمر طبيعي....لكن الغير انساني في هذه الرياضة هي استعمال أطفال يقع خطفهم و جلبهم من دول افريقيا الفقيرة ليكونوا بمثابة الفرسان لهذه الجمال حتى تتسابق في الميدان....هؤلاء الاطفال لا يتجاوز عمرهم 3 او 4 سنوات و لا يجب ان يتجاوز وزنهم 2 أو 3 كغ... و الى جانب عمليات الخطف و ما تسببه من مآسي لعائلات هؤلاء الاطفال....وما يشجعه ذلك من تجارة الأطفال( بيعهم و شراءهم كحيوانات أو كعبيد)...يتواصل انتهاك حقهم في الحياة...فغالبا ما يتعرض هؤلاء الاطفال للسقوط و للرفس و العفس من قبل الجمال أو الهجن اثناء السباقات فيموت منهم الكثير...و يلجأ بعض اصحاب الجمال أو الهجن لحقن هؤلاء الاطفال حتى يعطلوا نموّهم و تبقى اوزانهم على ما هي عليه...الى جانب ما اثبته الواقع والاطباء من تضرر نهائي للجهاز التناسلي لهؤلاء الاطفال....و لا تزال الكثير من دول الخليج العربي تتحفظ على التوقيع و المصادقة على اتفاقيات حقوق الطفل...وعلى بروتوكولاتها التي تسمح بتقديم شكاوي في الغرض.....

حافظ الجندوبي

الجمعة، 19 نوفمبر 2010

"الناتو": قمة تاريخية ببرشلونة.....؟


"الناتو": قمة تاريخية ببرشلونة.....؟

حافظ الجندوبي


منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" قمّة تاريخية في برشلونة تصوغ و ترسم الذراع العسكري لعالم جديد متعدد الأقطاب، فهل تنجح في ذلك؟

كان لسقوط نظام العالم الثنائي القطبية تداعيات أيضا على مرتكزاته و أسسه، حلف الناتو اعتبر طوال الحرب الباردة الذراع العسكري للولا يات المتحدة الأمريكية و الغرب الأوروبي في مواجهة حلف وارسو التابع للمعسكر الشيوعي، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي و تفكك حلف وارسو و تغيرت الخريطة الجيوسياسية و الجيواستراتيجية للعالم مما حتم ايضا مراجعة لمهام و أهداف و استراتيجيات و آليات المواجهة عند المعسكر المقابل أي الرأسمالي.

مراجعة الفلسفة و العقيدة العسكرية و الايديولوجية التي قام عليها حلف الناتو ظهر كمعطى أساسي في العلاقات الأمريكية و شركائها من الأوروبيين اللذين سعو الى استراتيجية دفاعية و عسكرية خاصة بهم لكن سخر منهم الأمريكان و وصفوا أوروبا "بالقارة العجوز" و التي تحتاج الى العكاز الأمريكي، و قد عملت الادارات الأمريكية ما بعد الحرب الباردة على تسخير الناتو ليكون ذراع يضمن التفوق و الهيمنة الأمريكية في عالم أحادي القطبية

الأوروبيون ابتلعوا الاهانة الأمريكية و تبين لهم أنهم محتاجون أكثر لانقاذ مصالحهم في العالم فالأمريكان بدأوا بطرد المصالح الفرنسية في افريقيا و و أسواقها الاقتصادية لكسر الكبرياء و الاستثناء الفرنسي خاصة.

لكن في نفس الوقت بدأت الولايات المتحدة... الأمريكية تصلها اشارات سلبية بخصوص رغبة الهيمنة و الحلم الامبراطوري الأمريكي من قبل حلفائها بالأمس، الأوروبيون شعروا بانتفاء الحاجة الى مواصلة التضحيات السابقة بسسب الصراع الايديولوجي لكن بسقوط العدو الشيوعي، اصبح كل طرف يبحث عن مصالحه و تحالفاته الاقتصادية و السياسية.

بالنسبة للأمريكان كان حدث 11 سبتمبر فرصة او حدث صنع لتبرير الوصاية الأمريكية و هيمنتها على العالم،و أصبح "الارهاب الاسلامي" العدو الأخضر الجديد اللذي لا يهدد فقط الولايات المتحدة الأمريكية بل يهدد العالم الحر عالم الخير و الجمال الغربي.

في اطار من التعاطف الحضاري و السياسي، و الالتباس و الشعور بجنون العقل الأمريكي انخرطت اوروبا في حرب أمريكية على عدوهم الجديد، لكن في نفس الوقت شعرت اوروبا انها لا يجب ان تتورط كثيرا في الاستراتيجيات المريكية الجديدة، و سرعان ما تصاعدت الخلا...فات من جديد كان من ابرزها الخلاف المريكي - الفرنسي- الألماني من الحرب على العراق ثم الخلاف الأمريكي - الفرنسي حول افغانستان.

لقد فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في صياغة خريطة العالم كما يحلو لها و فشلت أو ساهمت اطراف كثيرة في افشال تحقيق أهدافها العسكرية و السياسية كما رسمتها، فعدلت استراتيجياتها العديد من المرات و انتهى باعتراف" اوباما" في خطاب تنصيبه أنه يجب الاقرار بتراجع القوة الأمريكية و دورها في العالم.

بعد نهاية الحرب الباردة توجهت القوى و الأطراف الدولية لتغيير و اصلاح منظمة الأمم المتحدة بما يتماشى مع معطيات و تحولات الواقع السياسي للعالم، لكن المهمة كانت صعبة و بقيت الأمور مجمدة وهي بالأحرى اجلت و سيعاد فتح الموضوع قريبا.

فمنظمة الامم ال...متحدة هي المنظمة السياسية التي تعطي الشرعية لخلاصة ما اتفق عليه في الأرض لذلك كان بديهي أن تتعطل منذ البداية

فالسياسي بات يأتي ديائما متاخرا لاضفاء الشرعية و تحديد طبيعة العلاقات الدولية على ضوء التوازنات و القوى الحقيقية على الأرض، هكذا بنيت عصبة الأمم و هكذا سخرت منذ بدايتها.

المؤسسات الاقتصادية العالمية(البنك الدولي، صندوق النقد الدولي و قمة الدول العشرون الأولى) سبقت السياسي و العسكري، كان اسهل للاعتراف بقوى اقتصادية كبرى جديدة بل كانت هذه السنة اي 2010 سنة تغير استراتيجيات و مفاهيم هذه المنظمات الاقتصادية للتنمية
و لمعادلة الدولة و السوق، مفاهيم جديدة بشرت بعالم اقتصادي جديد زادت الأزمة الاقتصادية في اعطائه مبرراته .

قمة برشلونة ستكون تاريخية من حيث أهمية الاتفاق على مفهوم استراتيجي جديد ياخذ بعين الاعتبار التعدد على مستوى اقتصادي سياسي، و اذا تفقوا اليوم فهذا سيفتح المجال من جديد للعودة لتحيين منظمة الأمم المتحدة بما ينسجم مع عالم متعدد الأقطاب.


حافظ الجندوبي

الأحد، 19 سبتمبر 2010

هل من عصر أنوار إسلامي؟

هل من عصر أنوار إسلامي؟ (جزء1)

حافظ الجندوبي

عصر أنوارنا الاسلامي و نهضتنا ستكون مثلما الغرب مرتبطة بموضوع أساسي ألا وهو الدين،الغرب عرف الإصلاح الديني كمدخل للنهضة، وفي واقع الأمر و التاريخ ، الغرب لم يشهد إصلاح ديني بل شهد عملية تحديد سياسي للمجال الديني سوغته مبررات فلسفات جديدة مع لوثر وكالفن ، وإعادة القسيسين و البابا إلى كنائسهم و رهبانيتهم، وما لله فهو لله و ما لقيصر فهو لقيصر ،أما نحن ففعلا مطالبون بالإصلاح الديني لكن ليس على طريقتهم بل على طريقتنا ليس عن طريق علمانيتهم بل عن طريق إسلاميتنا، فالأمر كله لله ،الإسلام لم يعرف تشويها ولا تحريفا في مصادره بل كان على الدوام محفوظ،" إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"و بالتالي فالإسلام لا يشكل عائقا نحو التقدم و تحقيق النهضة بل هو شرطها الأساسي في حالتنا وواقعنا،الإصلاح يهتم و ينشغل بإعادة فاعلية الدين لواقعنا و ليس إبعاده،بإحياء الدين في روحه ومعانيه ومقاصده في مجتمعاتنا، ربط القول و الفعل و العمل بالدين و ليس فصلهم عنه و تحويلهم إلى جزر مقطوعة عن كل تواصل به ، يكون الإصلاح بنفض الغبار عن جوهر الإسلام و تلك الروح التي تنزلت فبثت في العرب دماء جعلت قبائلهم المفرقة وجاهليتهم الطويلة حولتهم في بضع سنين إلى بناة حضارة ومشيدي مدن ومساهمين في إنتاج العلوم وتطويرها ونقل التراث الإغريقي و الهندي والفارسي و المحافظة عليه من الضياع و الاندثار.

والإسلام ليس إسلام للإنسان العربي أو الفارسي أو الهندي هو إسلام الإنسان أين ما كان، و حيث ما وجد ،فالإسلام رسالة لكل البشر منذ صرخته الأولى في جزيرة العرب ، الإسلام في غاياته و مقاصده الإنسان أين ما كان ، الإنسان العالمي بمصطلح اليوم ، قد تتعدد التفاسير و المذاهب بتعدد الواقع و الوقائع البشرية لكن الغاية واحدة ، والسبيل والمنهج من نوع الغاية ،لا يحقق الصالح و الخير إلا بما كان صالحا و خيرا و إلا اضطربت القيم والأخلاق وفسدت الغايات، لا يتحقق العدل إلا بوسائل عادلة و لا يتحقق الأمن بالترهيب ولا تتحقق التنمية بالقمع و بالاستبداد بالبشر وفرض الخيارات قسرا و لهوا،يضاف إلى هذا أن الإسلام يلاقي تحديات عالمية لا تقل شأنا عن تحديات المحلي والإقليمي و خاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر..... و أصبحت فرصة عالمية الإسلام سانحة أكثر من أي وقت....... وٌضع الإسلام في التحدي عالميا و نوعية الاستجابة الإسلامية بطبيعتها كانت لا بد أن تكون عالمية..... و أصبح الإسلام مطلوب على أكثر من جهة ،جهات أمنية واستخباراتية بتهمة الإرهاب ، وجهات بحثية من طرف مراكز الدراسات و خزانات الأفكار لوضع الدراسات بين يدي راسمي السياسات و متخذي القرارات في الغرب ، وقد يتخذ شكل فوبيا و عنصرية ضد كل من ينتسب إلى الإسلام عند البعض ، كما صار الإسلام مطلوبا من طرف العديد من الغربيين و الشرقيين بحثا عن الحقيقة و عن غير المألوف عندهم و تراهم يدرسون و يتابعون كل ما يتعلق بالإسلام و المسلمين بحثا و استكشافا ولما لا إيمانا و إعلانا للإسلام .

وهذا التحدي العالمي على الإسلام لا يواجهه المسلمون إلا بإثبات إمكانية إسلام عالمي وإسلام يقدم خيرا لكل البشرية مؤمنيهم به و كافريهم به.

لا عقدة للإسلام و المسلمين اتجاه أي إيديولوجيا فانه لا يحق لأي إيديولوجيا التباهي بتفوقها فكل الإيديولوجيات تفوقت أيضا في تحطيم الإنسان و استغلال الإنسان و في حرق الأرض من تحته و إفساد السماء من فوقه و تلويث البحر من حوله، و كلها مدعية خدمة الإنسانية و التقدم بالمجتمعات....تارة بشرعية الدولة و الجماعة و الحزب الواحد فسحق الفرد في قيمه و حريته و معتقده،وأخرى بشرعية الفرد و الفردانية فسحقت الجماعة في حقوقها الاقتصادية والاجتماعية و شرع للاستغلال و النهب الواسع للشعوب و المجتمعات من أجل الرأسمال الفردي و أناقة رجل الأعمال ورفاهته المفرطة و بدانته و جواريه،

وكل الإيديولوجيات جربت فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر في انتظار البدائل الإنسانية المنقذة، وعلى هذا الأساس لا يحق لأحد نفي الآخر و إلغاء الآخر و إقصاء الآخر، و أن الجميع له نفس الفرص و الحظوظ و الحقوق بالتساوي في التواجد و التعبير عن الذات و محاولة التطور و البعث من جديد...و في النهاية لا نحتاج إيديولوجيات تعيش و بشر يموتون... و لسنا في حاجة إلى إيديولوجيات سعيدة و بشر تعساء و أشقياء.....

انتهى زمن الحتميات التاريخية و إن كان هناك من حتمية فهي اللاحتميّة،كل شيء مفتوح على خيارات و سيناريوهات متعددة علمنا منها ما علمنا وغاب عنا ما غاب، و أبان المنهج الديكارتي و العقلانية الصارمة عن عجزها و قصورها في فهم عالمنا الجديد هذا العالم الذي يزداد تعقيدا و تركيبا و صعوبة في فهمه بما نمتلكه من مناهج ومفاهيم و هو بالتالي يطالبنا بطرق تفكير جديدة و بأدوات فهم و تحليل تتناسب وتعقيداته و تركيباته الجديدة و تحدث سيمون عن العقلانية كأداة اجرائية (Rationalité Procédurale) في تراجع عن العقلانية كغاية مطلقة التي أدرك أننا عاجزون و يستحيل أن نحققها(Rationnalité Substantial) وتحدث مورن Morin عن التفكير المنظوماتي (Approche Systemique ) و التفكير المعقّد ((Pensée Complexe وهي مقاربات تأخذ في عين الاعتبار ظواهر التعقد والتركيب و اللاتوقع و الانفلات عن الضبط التي باتت تتسم بها قضايا عصرنا و مشاكله ، وتتغير مناهج بناء الأنساق والمفاهيم و النظريات المعرفية ( ( les modèles و أصبح ما يعرف Interdisciplinarité)) بالتداخلية أو التعددية الاختصاصية و transdisciplinarité créative و pluridisciplinarité يتجه لتعويض الاختصاصية الصارمة الأحاديّة، وتطور الفكر الاستراتيجي التقليديpensée stratégique إلى التفكير الاستراتيجي الاستشرافي(la prospective stratégique) ، و الخطابات المتعددة المستويات(multidescours) في الفهم و التحليل بدل الخطاب الأحادي(l’unidescour) المتفرد بالفهم و النظر، و نحن هنا و هناك و كأننا تعاهدنا أن لا نغيّر مكانا !!!! وكل هذه تبقى مناهج نستعين بها لا أديان جديدة، وكل هذه تبقى مناهج قابلة للمراجعة و التغيير و التجديد و ليست نظريات نهائية و متكاملة...وهي مناهج لا تعوض منظومات قيمية أو أخلاقية أو إيمانية بل هي أدوات تحليلية وصفية....

و بالرغم من كل ذلك فالغرب اليوم مثل البارحة يقر بمآزقه الفلسفية و الفكرية والإيديولوجية وهو صانعها،الغرب يقر بمحدودية مناهجه العلمية و تفتحها على إشكاليات جديدة ليس لها أجوبة في الوقت الحاضر، الغرب يقر أن التقدم العلمي و التكنولوجي قد فتح البشرية على سيناريوهات جديدة غامضة غير مفهومة في اتجاهاتها و مساراتها؟ ففي ما نكابر و نحن المقلدون، ونحن التابعون، ونحن المترجمون الحرفيون؟

أصبحنا نصنع عوالم أجمل و أكثر حداثة و عصرنة لكن بإنسان أكثر تعاسة و شقاء،إنسان سعادته وهمية قابلة للضياع و التلاشي في أي لحظة لأنها سعادة تملك و ليست سعادة كينونة،لأنها سعادة في كم أملك و ماذا أملك؟ في ماذا أستهلك وكم أستهلك؟ و ليست سعادة في من أكون أنا نفسي؟ أصبحت سعادة مرتبطة بعبودية للأشياء؟ و ليست مرتبطة بالحرية و التحرر من الأشياء و إعلاء للقيم و صنع للذات و إثباتها؟ ولعل هذا هو الفرق بين فهم الإسلام لسعادة الإنسان الحقيقية و فهم الإيديولوجيات لسعادة الإنسان المتخيلة و كيفية صناعتها؟

و ليست التقدمية التي تحتل صدارة و دعوة كل إيديولوجية، فكرة مجردة عن ممارسة ومثال مجرد عن واقع فكل تقدمية تقاس بما تقدمه من خير و نفع للإنسان وتوسيع حريته في التفكير و الاختيار، وقطع سلاسل الجبر و العدمية التي صنعها له أخوه الإنسان ووهم التاريخ الذي نصنعه و من ثم يأسرنا و ندعي انه لا حول لنا و لا قوة أمامها !!!! فأحاطت به لتجعله شبه إنسان مقعدا و معتقدا أن هذا الوضع لا انفصام عنه !!!و ما هي في الحقيقة سوى أوهام و أضغاث جهل ونوازع للقعود و التخلف والتواكل.